نادية عبدالوهاب يوسف إبراهيم المسلم رحمة الله عليها … محمد بدر بن ناجي 2013/01/10 09:16 م
{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ اذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا انَّا لِلَّهِ وَانَّا الَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
فارقت والدتي الحياة تاركة رائحتها الزكية وذكراها العطرة، فقد صارعها المرض سنوات عديدة وهي تقاوم أوجاعه وآلامه ولم يبعدها هذا كله عن شكر الله وحمده على نعمه وهي تردد دائما ان الله لا يبتلي الا المؤمن، والمرحومة كانت مؤمنة بقضاء الله وقدره وهذا المرض ما هو الا تكفير عن الذنوب والخطايا من رب رحيم ليأخذ أمانته وهي خالية منقاة من جميع الذنوب باذن الله.
والدتي رحمة الله عليها كانت مثالا للمرأة الصبورة، فهي أم لسبعة أبناء كرست حياتها لتربيتهم وتنشئتهم خير تنشئة وغرست فيهم حب الناس وحب الوطن والتفاني في العمل، ورغم معاناتها مع المرض الا أنها لم تحسسنا يوما بآلامها، فقد كانت رحمة الله عليها في آخر أيامها تنهض من فراشها وتحاول بكل ما أوتيت من قوة الوقوف على رجليها لتثبت لنا أنها تتعافي خوفا من تأثر مشاعرنا وحزننا على مرضها… فقد كان حنان أمي يغطينا أينما كنا، وتحرص على الاتصال بنا يوميا للاطمئنان على أحوالنا وأولادنا وفي يوم لقائنا الأسبوعي لم تقترب يوما من طاولة الطعام حتى تتأكد ان الجميع يجلس حولها.
لقد كانت رحمة الله عليها رحيمة ليست فقط بأولادها ومن حولها، ولكن رحيمة بالفقراء والمساكين وتسعى دائما الى مساعدتهم وتوفير كل ما يحتاجونه من مساعدة. وكانت رحمة الله عليها كريمة ولم تبخل يوما على أحد في العطايا ولا الهدايا للقريب والبعيد وتفرح وتسعد بفرحنا وسعادتنا.
لقد كانت أمي معلمة لأكثر من ربع قرن كرست من خلالها جزءاً كبيرا من حياتها لتنشئة جيل يحب الوطن، فكل مدرسة عملت بها والدتي رحمة الله عليها تجد بصماتها واضحة بشهادة الجميع، فقد كانت تعشق عبق الماضي والتراث وهذا ما حرصت عليه لتوفير ركن تراثي يربطنا في كويت الماضي.
هذا الحب والحنان والكرم وجميع الصفات والأخلاق الكريمة التي كانت تقود حياتها لم تقتصر على بيتها وأبنائها ولكن مع اخوانها وأخواتها وكل من حولها فلم تتطاول على أحد يوما بكلمة جارحة ولم تزعل يوما على أحد والابتسامة كانت دائما ملازمة لها لم تغادرها حتى عند لقاء ربها في مثواها الأخير رحمة الله عليها.
يا أمي رحيلك صعب علينا جميعا وأي حب أعظم من حبك، ولكن لا اعتراض على قضاء الله وقدره فكل نفس ذائقة الموت ولكل أجل كتاب. أمي حبيبتي رحلت بجثمانها ولكن ستظل موجودة في وجداننا وذاكرتنا طالما القلب ينبض بالحياة وسيبقى الدعاء يجمعنا بك الى يوم لقائنا فرحمة الله عليك يا أم محمد وأدخلك فسيح جناته انه سميع مجيب.